المادة    
وأما ما يطلق الآن في هذا العصر وفي غيره، من الأمن الذي يقصد به خلاف الخوف، والذي يراد به أن يعيش الأفراد وتعيش المجتمعات في طمأنينة وفي رخاء وفي راحة لا تعكرها جريمة المجرمين، ولا عبث المعتدين، الأمن بهذا المفهوم متحقق ويتحقق أعظم التحقق بالإيمان بالله تعالى، وبصدق التوحيد لله، والإخلاص في امتثال أوامر الله تبارك وتعالى، ولا يتحقق بسوى ذلك، وإن شئتم الأدلة من الواقع، فما أعظمها من أدلة:
  1. حالة العرب الأمنية قبل البعثة

    ذكان العرب في الجاهلية قبل بعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حال من الرعب والخوف والجريمة تقشعر منه الأبدان، فما بالكم بالرجل العاقل الحليم البالغ الشجاع من سادات القوم يقبض على ابنته التي ناهزت الحلم ويدسها في التراب، وهي حية تصرخ، أي أمن يمكن أن يتحقق في مجتمع يفعل عظماؤه وقادته هذا، وأي قسوة في القلوب تتخيل بعد هذه القسوة، فلا رحمة ولا شفقة، كما أن الغزو والنهب والسلب هو حياتهم، ولهذا يقول شاعرهم:
    وأحيانا على بكر أخينا            إذا لم نجد إلا أخانا
    فنحارب نحن وبكر من عدانا من العرب؛ لننهب ونجمع، فإذا لم نجد من نحارب إلا بكراً حاربنا بكراً وغنمنا بكراً، فهذه هي الجاهلية وهذه حياتهم، فما كانوا يجدون للأمن طعماً.
    كان الرجل يمشي بالضعينة -أي: المرأة التي تكون في حوزته- وإذا برجل يخرج له من الطريق ويقول له سلم الضعينة وإلا قتلتك، وهنا لا حكم إلا للسيف، فإن قتله أخذ ضعينته، وإن قتل ذلك المجرم فإن مجرماً آخر يترصد في الطريق في مكمن آخر، لا طمأنينة ولا سعادة ولا راحة.
  2. حال المسلمين الأمنية بعد البعثة

    ولما بُعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان المشركون يعذبون أصحابه رضي الله عنهم أشد العذاب، ونالهم أشد الأذى، بيَّن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك الظرف وفي ذلك الوقت الحالك وبشرهم بأن دينه هو دين الأمن ودين الرخاء والسلام للإنسانية جميعاً، فإنه لما جاءه أصحابه وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متوسداً بردته في الكعبة، قالوا: يا رسول الله! إن البلاء قد اشتد بنا فادع الله لنا، فقام صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محمر الوجه، متأثراً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استعجالهم وعدم صبرهم، ولا غرابة في ذلك فهذا شأن النفوس البشرية، فأخبرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن ما يلاقون من الأذى هو حال الأمم قبلهم، وقال: {قد كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فيوضع المنشار على مفرق رأسه ويشق شقين، لا يرده ذلك عن دينه} إلى أن قال: {والذي نفسي بيده لتسيرن الضعينة ما بين عدن وصنعاء -أو أبين وصنعاء- لا تخاف إلا الله} فبشرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن الأمن سوف يستتب بفضل الإيمان بالله تبارك وتعالى، حتى إن الضعينة سوف تقطع هذه المسافة في جزيرة العرب لا تخاف إلا الله تبارك وتعالى، وفعلاً لم يمض وقتاً طويلاً حتى كان الراعي وغيره يقطع المفاوز وهو لا يخاف إلا الله تبارك وتعالى والذئب على غنمه، أما البشر فلا يخاف منهم أبداً.
    وقد تحقق هذا الأمن على يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما آمن الناس ودخلوا في دين الله تبارك وتعالى أفواجاً، والعجيب أن هذا الأمن الذي تحقق على يد محمد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رسول الهداية والخير للبشرية، تحقق بأقل ما يمكن أن يتحقق من الدماء، فقد أحصى المؤلفون في السيرة عدد القتلى الذين قتلوا في جميع الحروب التي خاضها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يزيدوا على ألف قتيل فقط، ومن هؤلاء الألف بنو قريظة، مع أن بني قريظة لا ينطبق عليهم في الحقيقة أنهم قوم حاربوا، فليسوا قوماً أو أمةً أو عدواً خارجياً محارباً، وإنما هم بتعبيرنا الحديث: (مواطنون ارتكبوا الخيانة العظمى) لأنهم كانوا تحت حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموالاة العدو الخارجي -الأحزاب- الذي جاء لحصار المدينة، ومع ذلك قتل منهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بضع مائة، فهؤلاء يدخلون ضمن هذا العدد المقارب للألف من القتلى، فقد حقق الله تبارك وتعالى الأمن وعممه في جزيرة العرب وأطراف الشام والعراق، وكل ما دخل في حكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي حكم المسلمين.
    ولو أننا قارنا - ولا مجال للمقارنة، ولكن لأن خفافيش الأبصار والمقلدين لا يجدون ولا يريدون أن يجدوا قدوة إلا أعداء الله تبارك وتعالى في الغرب والشرق- بين هذا العدد وبين ضحايا الحرب العالمية الثانية، كم قُتل في الحرب العالمية الثانية، وكم جرح، يقال في الإحصائيات الدولية: إن ضحايا هذه الحرب ستين مليوناً من القتلى والجرحى، وماذا حققت من خير، أو أمن، أو رخاء؟!!!
    فانظروا إلى ثمرة الإيمان كيف تثمر الأمن العظيم بأقل عدد، وانظروا إلى الكفر بالله عز وجل، وإلى أفعال الجبابرة والطواغيت الذين يريدون العلو والفساد في الأرض، كيف يدمرون الأمم والشعوب، وهذه الملايين من البشر تذهب ضحايا نزوات شخصية لطواغيت من البشر متألهين فأين هذا من ذاك.
    العرب في الجاهلية اقتتلوا في حرب داحس والغبراء أربعين سنة، حتى تفانت عبس وذبيان، سبحان الله! وما هي داحس والغبراء؟! فرسان للسباق، اتهم كل فريق الطرف الآخر بأن هذه سبقت تلك؛ فتحاربت القبيلتان اللتان كانت منهما هذان الفرسان أربعين سنة.
    وما عهد ذلك منكم ببعيد، أيضاً في الجاهلية الحديثة فإن دولتين من دول أمريكا الوسطى، أظنها الدومينيكان والسلفادور، اقتتلتا أيضاً ودامت الحرب بينهما، من أجل مباراة لكرة القدم.
    الإنسان إذا فقد الإيمان وأخذ يرفع ويضخم التوافه ويعظمها في قلبه إلى حد أنه يقاتل من أجلها ويقتتل، فهو ذلك الإنسان الجاهلي، سواء كان قبل بعثة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم بعد بعثته.
    فإذا فقد الإيمان فقد الأمن ولو لأتفه الأسباب، ولو لأحط الغايات وأدنى ما يستمتع به من الشهوات، فكيف تحقق الأمن في المجتمع المسلم؟ وكيف كان سلوك المؤمنين في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذين تحقق بهم ذلك الأمن؟
  3. مثال يوضح علاقة الأمن بالإيمان

    الأمثلة كثيرة، ونضرب مثالاً واحداً لعلاقة الأمن بالإيمان:
    أم الخبائث هي: الخمر, وهي التي وراء كل جريمة، أو هي التي إذا شُربت فلتتوقع كل جريمة بعد ذلك، وليكن بعد ذلك ما يكون، وما المخدرات إلا فرع وتابع لها، والأمة التي تحارب الخمر بشدة لن تنتشر فيها المخدرات، بل الأمة التي تحارب التدخين بقوة وحزم لن ينتشر فيها الخمر، وبعد ذلك وأبعد منه المخدرات.
    هذه الخمر لدينا فيها مثالان حقيقيان وواقعيان، ويغنيان عن كثير من الأدلة النظرية، لو تأملنا فيهما لعلمنا قوة العلاقة بين الأمن وبين الإيمان:
    كان الناس يشربون الخمر في الجاهلية ثم نزل الإسلام بتحريمها بالتدريج، وكان الحكماء والعقلاء حتى في الجاهلية لا يشربون الخمر، ولا يشربها عاقل لا في جاهلية ولا في غيرها، والحكماء من العرب تعففوا عنها حتى في الجاهلية، وكان عدد من كبار الصحابة رضي الله عنه متعففاً عنها حتى قبل أن تحرم التحريم الكلي، وقد تدرج تحريمها، والشاهد أنه لما نزل التحريم الصريح في الآيتين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ))[المائدة:90-91] فلما نزلت ((فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)) وتلاها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه وتنادوا بها، وذهب وافدهم إلى من يشربها في منتدياتهم ومجامعهم: [[ألا إن الخمر قد حرمت -وإذا بأزقة المدينة تجري أنهاراً، فأريقت الخمر- وقال الصحابة انتهينا ربنا]] ولم يكن جوابهم إلا ذلك: ((إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ))[النور:51] في كل زمان ومكان: ((أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا))[النور:51] وإذا قيل: لهم انتهوا، فإنهم يقولوا: انتهينا، فانتهوا وأريقت، ولم يحتفظوا بها ويقول قائلهم: لن نشربها ولكن يمكن أن نبيعها على أحد من اليهود أو أهل الذمة، فما فكروا في هذا ولم يقولوا، أو يقل قائل منهم: لماذا لا نشربها في الخفاء ونبقيها، ولم يُشَكِّل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجنة للمراقبة تدخل البيوت وتحث على مراقبة الله تبارك وتعالى وعلى الخوف من الله تبارك وتعالى، فهؤلاء هم تربية محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تربوا على مرتبة الإحسان: {أن تعبد الله تبارك وتعالى كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك} فعلموا أن الله تبارك وتعالى عليهم رقيباً، وأنه مطلع على أحوالهم، وأن مقتضى إيمانهم، بل من إيمانهم أن ينتهوا حيث نهاهم الله ورسوله، فانتهوا وانتهت الخمر، وما بقي إلا الشواذّ الذين لا تخلوا منهم أمة، ومع ذلك ممن أقيم عليه الحد من أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمحبة الله ورسوله فهو قد أخطأ وغلط نتيجة الضعف البشري الذي ينتاب كل إنسان، لكن لم يعد هناك منهج استحلال وإصرار وعناد لأمر الله ورسوله، والسبب أنهم لما كانوا مؤمنين حققوا ذلك.
    ولنأخذ المثل الآخر من الأمة التي لا تؤمن بالله ورسوله:
    فـأمريكا خرجت من الحرب العالمية الأولى وهي تريد أن تربي شبابها تربية جديدة، لأنها انفتحت على العالم، وتريد أن تخطط لتسيطر على العالم كله ما أمكن، وكانت تريد لشبابها القوة، بالنظرة المادية المجردة، لا إيماناً بالله وبرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا بالآخرة وبالبعث من بعد الموت، ولكن ليكون الشباب قوياً ناهضاً ولتكون الأمة ناشطة ناهضة، فقالوا: لا بد أن نحرم الخمر، لأن الخمر دمر المجتمع الأمريكي.
    وكتب الأطباء التقارير عن أخطارها، وشكى العقلاء الصفحات الطويلة عن مصائبها، والآباء والأمهات والمدرسون وكل المجتمع يشتكي من المجرمين، كل ذلك لماذا؟ قالوا: هذا نتيجة الخمر، قالوا: وما المانع، ولماذا لا نحرم الخمر؟! ودُرِسَ الأمر دراسة جادة، وحسبت التكاليف التي يمكن أن تنفق للدعاية لتحريم الخمر، وعينت وشكلت اللجان والهيئات في مداخل البلاد، وعينت لجان التفتيش على مصانع الخمور، وضُبط الأمر ورتب وأعلن رسمياً باسم رئيس الولايات المتحدة الأمريكية: أن الخمر قد حرمت في الولايات المتحدة جميعاً، وأن الحرب عليها قد أعلنت رسمياً وشعبياً، وعملت الدعاية دورها، وكلكم يعلم قوة الدعاية الأمريكية إذا أرادت أن تدعو إلى أي شيءٍ شراً كان أم خيراً.
    ومرت السنة الأولى والثانية وتفاقم الأمر خطراً، فضوعفت البنود للنفقات، وبعثت هيئات التفتيش ورجال التفتيش، وبذلوا الجهود أكثر وأكثر، وبذلوا التحريات أكبر وأكبر، ثم جاءت التقارير بأن الأمر قد تفاقم، وأن شربها قد ازداد، وأن المصانع قد أصبحت في الخفاء أكثر مما كانت في العلانية، وأن الناس يحتالون على إدخالها من المنافذ بجميع أنواع الحيل، وأن الأمر قد تجاوز الحد، وأن كل المليارات التي أنفقت في الدعاية لم تجد أي شيءٍ، واجتمعوا وأعادوا الاجتماع مرة إثر مرة، وفي النهاية لم يجدوا بُداً من أن يعلنوا رسمياً وشعبياً أن الحرب على الخمر قد انتهت وأنها حلال كالماء، لماذا؟ هل تنقصهم حضارة؟! هل تنقصهم ثقافة؟! هل تنقصهم معلومات طبية عن أضرار الخمر؟! هل تنقصهم إحصائيات عن الجريمة وعن أثر الخمر في إفساد المجتمع؟! لا، لا يوجد دولة في العالم تملك في هذا الشأن مثل هذه الدولة، فما الذي ينقصهم؟ ولماذا لم ينجحوا إذاً؟ ولماذا نجح المجتمع الإسلامي في محاربة هذا الداء الخبيث بأقل ما يمكن من الجهود، فبنداء واحد: ألا إن الخمر قد حرمت، انتهى كل شيء، ولم تنجح أرقى المجتمعات كما يسميها المخدوعون والمغرورون، ولم تنجح بلد التكنولوجيا في ذلك!!
    لأن الأمر يتعلق بالإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فمتى كان الإيمان كان الأمن وتحققت النتائج العظمى، ومتى فُقِد الإيمان فإنه لا خير في الإنسان ولا في المجتمع ولا في الأمة.
    فالإيمان هو الذي يحول قاطع الطريق واللص المحترف إلى ذلك الإنسان الرقيق، الودود الحليم، الذي يبكي من خوف الله تبارك وتعالى، والذي لو قلت له: اتق الله! لخشع وبكى أمامك، ولو أخبرك أحد أن هذا كان لصاً مجرماً، وكان قاطع طريق محترف، لما صدقت إلا في ظل الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
  4. نتائج ضعف الإيمان على الأمن

    الإخوة الذين يبعثون للدراسة في أمريكا، يعرفون أن السجون الأمريكية أصبحت ترحب وتفتح الأبواب لمن يدعو إلى الإسلام، بل إلى أي دين وأي ملة: إلى الهندوسية أو المجوسية أو البوذية المهم: ادخلوا السجون وعلموا هؤلاء الناس أي دين من الأديان حتى لا يحترفوا الإجرام، سبحان الله! إنه الخلو من الإيمان، لا تنقصهم الأجهزة الدقيقة، كل حياتهم بالكمبيوتر، فهو ينظم جميع أمورهم، ووسائل اكتشاف الجريمة قد تفوقوا فيها إلى حد لا يكاد يخطر ببال، وكثير منه سري لا يعلنونه حتى لا يعرف ذلك المجرمون، لكن في المقابل تكنولوجيا الإجرام تتفوق، والمجرمون محترفون، ومنهم مَنْ هم أعضاء في المحاكم، ومنهم مَنْ هم أعضاء في الحلقات أو في الهيئات العلمية التي تبحث الخطط لمحاربة الجريمة، ويوجد ضمن الأعضاء من هو مجرم محترف لكنه أستاذ جامعة، أو رجل من رجال الأمن أو من رجال الاجتماع الكبار.
    فلماذا تتفوق تكنولوجيا الجريمة على تكنولوجيا مقاومة الجريمة؟ لأنه إذا فقد الإيمان بالله سبحانه وتعالى فلا تستغربوا أبداً أن يكون هذا ولهذا انظروا إلى مجتمعنا ونحن لا نزكي أنفسنا ولا ينبغي لنا ذلك ونحن نعلم الفرق والبعد الشاسع بين مجتمعنا هذا، وبين ما كان عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولهذا نحن نرجو ويجب علينا جميعاً رجال الأمن وخلافهم، أن نتعاون ليعود مجتمعنا هذا إلى ما كان عليه مجتمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقدر الإمكان، -وإلى واقعنا ولله الحمد، كل ما نعيش فيه من أمن ورخاء ومن نسبة متدنية للجريمة فإنها نتيجة لوجود بقايا الإيمان في مجتمعنا، وروابط الإيمان التي تشد بعضه إلى بعض، ونتيجة تطبيق حدود الله تبارك وتعالى على هؤلاء المجرمين، وبقدر ما يتعكر الأمن فعلينا أن نراجع أنفسنا ولا نتهم إلا أنفسنا، ولنعلم أن ما أصابنا فبما كسبت أيدينا ويعفو عن كثير، وأنه بقدر بعدنا عن تحقيق الإيمان، بقدر ما يكون الخلل في الأمن.
    فنحن لن نبلغ الجنة ولا نبلغ رضا الله تبارك وتعالى إلا بالإيمان بالله حق الإيمان، وبتحقيق توحيد الله تبارك وتعالى، وفي نفس الوقت لن يتحقق لنا الأمن والرخاء والاستقرار في مجتمعاتنا وفي حياتنا الدنيا إلا بتحقيق الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.